صوت الحق : ذهل المواطن الموريتاني من تصاعد عمليات القتل، التي تشهدها العاصمة الاقتصادية انواذيبو منذ أقل من أسبوع، رغم الأجواء الروحانية التي يعيشها المواطنون عادة خلال شهر رمضان الفضيل، إلا أن رمضان هذه السنة ليس كالأعوام السابقة بالنسبة لساكنة انواذيبو.
هذه المدينة الاقتصادية والسياحية التي يفترض في من يقطنها الطمأنينة والرخاء، فلاخبر هذه الأيام في مدينة انواذيبو إلا عن جرائم القتل والسطو المتلاحقة في شوارع المدينة، وهذا بالطبع يكس حالات اجتماعية واقتصادية أصبحت تؤثر في الفرد الموريتاني، على اختلاف مراتبه. فالجريمة لاتأتي إلا نتيجة لحالة من الصراع بين الفرد والمجتمع، وتترك الجريمة آثارا سلبية تصيب المجتمعات المتقدمة والمتخلفة على حد سواء، وتهدد أمن الإنسان واستقرار المجتمع، لأنها تتصل ببنائه وطبيعته. لقد تزايدت أحاسيس كل الفئات والطبقات الاجتمعاية المختفلة في الأيام الأخيرة بخطر الجريمة وتناميها في المجتمع الموريتاني، وتقاعس الدولة عن القيام بواجبها لتفادي وقوع الجريمة أصلا أو للحد منها.
وقد اتخذت الحكومة إجراءات أمنية استعجالية، الاحتواء الوضع الأمني في مدينة انواذيبو ، حيث قام وزير الداخلية واللامركزية محمد سالم ولد مرزوگ منذ أيام بزيارة لمدينة انواذيبو رفقة ضباط أمنيين، وباشر الوزير إجراءات أمنية منها: تكليف كل سلك من الأسلاك الأمنية العاملة في مدينة انواذيبو بتأمين عدد من الأحياء الشعبية، ومباشرة الرقابة عليها، وذلك باستخدام سيارات أمنية ودوريات راجلة. نرجو أن تعيد للمدينة بعض هدوئها.
فسواء نجحت الأجهزة الأمنية في استتباب الأمن مؤتا، أم أخفقت. تبقى الحلول الآنية لا تكفي إذا ماقورنت بمعالجات دقيقة لمكامن الخلل، ومظاهر الخطر التي تعصف بوطننا والتي منها:
عدم إنزال العقوبة الرادعة على الجناة، وغياب التأهيل والإصلاح للمخالفين للقانون، حيث أحيانا يطلق سراح المجرم وقد ازداد جرما من نزلائه في السجن. عكس استفادته من التأهيل والتدابير الاحترازية. فغياب مراكز الإصلاح والتأهيل في سجوننا التي تتولى فلسفة الإصلاح والتأهيل والإيواء للنزلاء مرتكبي الجريمة، وتقديم لهم الخدمات والبرامج الاجتماعية والصحية والثقافية والرياضية والتدريبية اللازمة لإعادة تأهيلهم وتقويم سلوكهم خلال فترة قضاء محكوميتهم، ليعودوا بذرة صالحة في المجتمع، وليس مانراه من إطلاق للسجناء وهم في أسوء حال مما يشجعهم على الاحتراف في أساليب الإجرام والاستمرار فيه المرة تلو المرة.
من ناحية أخرى فالمجرم هو نتاج المجتمع وحصيلته، فإذا كانت القيم الاجتماعية النبيلة في المجتمع أصبحت محاربة وتتدهور يوما بعد يوم، فإن من الطبيعي استفحال ظواهر الإجرام. فالقيم الاجتماعية لها علاقة وثيقة بسلوك الأفراد. وهناك عوامل أخرى تبعث على الإجرام في بلدنا كغياب التربية الدينية السليمة التي تلعب دورا فعالا في تقويم النفس البشرية نحو الطريق القويم، فتعاليم الدين الإسلامي تنهى عن أي عمل لايرضي الله، ويخرب المجتمع ، كما تنهى تعاليمه عن القيام بالجرائم التي لها مساس بحياة الأفراد وضرر على المجتمع.
أيضا توجد علاقة وطيدة بين معدلات الجريمة والمتغيرات الاقتصادية والاجتماعية، فالتفاوت الطبقي وعدم المساواة وارتفاع البطالة، يسهم في تشكيل العوامل الأساسية للجريمة والانحراف، كمايؤدي غياب المكافأة والمحاسبة داخل أجهزة الدولة إلى الفوضى وعد احترام القانون.
لكن بتظافر كل الجهود الرسمية والشعبية، وتحسين الأوضاع المعيشية للمواطن، ومجابهة القيم الفاسدة الدخيلة على مجتمعنا، ووضع استراتيجيات ورؤى واضحة المعالم للتنمية الشاملة في البلد المصاحبة لليقظة الأمنية المحكمة.
كلها أمور إن أحسنا تنزيلها على أرض الواقع سيتخطى بلدنا معضلاته الأمنية والاقتصادية والاجتماعية بإذن الله.
موقع صوت الحق
